صفات سيّدنا محمد صلى الله عليه و سلم
محمّد
صلّى اللّه عليه وسلّم①
كانَ محمّد بنُ عبد اللّه المثلَ الأَعلَى للإنسانِ الكاملِ. صوّره اللّهُ في أحسنِ صورةٍ ②، ليُعلِّمَ النّاسَ دِينَهم ، و يُلقِّنَهُم أخلاقَهم ، ويُنَظِّمَ حياتَهُم فرعى على بعضِ أهلِهِ ، وسَعى لبَعضِ قومِهِ ، واتَّجَرَ بمالِ زوجَتِهِ ، فكان فِي جَلِيلِ الأمرِ و ضَئِيلِهِ، صادقَ العزمِ، راجِحَ الحِلْم③ ، حُلْوَ المُعَاشَرَةِ , يَحْملُ الكَلَّ ④، ويُكسبُ المَعْدوم⑤ ، ويُعينُ على نوائِب الحَقِّ ، حتَّى لَقَّبَهُ قَوْمُهُ ” بالأَمِين ” اعترافا بِفَضْلِهِ و تعظيما لقدره .
ثمّ حمَّلَهُ اللّهُ رسَالَتَه إلى خَلْقِه⑥، فجَهَرَ بالدّعوةِ بَعْدَ أَنْ خَافَتَ بهَا في قُريش ثلاثَ سِنِينَ، و هَاجَمَ الشِّرْكَ في مَعْقِلِهِ،⑦ و المشركِينَ في نَدَوَاتِهِمْ، مُعْلِنًا كَلِمةَ الحقّ، وليس وراءَ ظَهْره إلاّ عَمُّه أبو طالبٍ⑧. وتَأَلَّبَ عليهِ الأشرارُ⑨، فما انصرف عن عزمِهِ ، ولا انثنَى عن دَعوته ، بل جاهَدَ بالصِّدْقِ ، و جاَلَد بالصّبرِ ، و جادَلَ بالتِّي هي أحسنُ .
فمحمَّد صلّى اللّهُ عليهِ و سلّم، عظيمٌ كرسولٍ، عظيم كصاحبٍ، عظيم كرئيسٍ، عظيم كإنسانٍ. نشرَ دعوتَهُ فلم تأخُذْه في اللّه لومَةُ لائمٍ⑩ ، و عاشرَ أصحابَهُ فكان خيرَ صَاحِب . يُيَسِّرُ⑪ ولا يُعسِّرُ،و يقرّبُ ولا ينفّرُ. و أسّسَ دولتَهُ، فوصَلَ بين القُلوب بالمُؤَاخَاة⑫، ودخلَ بين النّفوسَ بالمحبَّةِ، فأزالَ الفروقَ بين القويِّ و الضّعيفِ و الغنيِّ و الفقير، حتّى شعرَ الضَّعيف أنّ دينَ اللّه قوّتُهُ⑬، و أدركَ الفقيرُ أنّ بيتَ المالِ ثروتُهُ⑭.
و جعل النّاسَ أمّة واحدةً ، فمحَا الفروقَ بينَ الأجناسِ ، و أزالَ الحدودَ بين مُخْتَلِفِ الأوطانِ ، فأصبحتِ الأرض وطنًا مُشاعا ، و العَالَمُ كُلُّهُ أُسْرَةً واحدةً ، لا فَضْلَ فيهَا لعَرَبِيٍّ على أَعْجَمِيٍّ إلاَّ بالتَّقْوَى ⑮، إِذِ النَّاسُ سوَاسِيَّةٌ كأسنانِ المُشْطِ ، لا يُكْرَهُونَ على بَاطِل و لا يُحْمَلُونَ على ضَيْمٍ . هكذَا، قَبْلَ أَنْ تُعْلِنَ هيئَةُ الأُمَم المتَّحدةِ مُنْذ بِضْعِ سِنِينَ حُقُوقَ الإنْسَانِ، صَدَعَ محمَّد منذ قُرونٍ بقول اللّه الحقّ : ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثَى ، وَ جَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَ قَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللّهِ أَتْقَاكُمْ “.
فالإنسانيَّةُ جَمْعَاءُ مدِينَةٌ للنَّبِيّ الأُمِّيّ محمَّدِ بنِ عبد اللّه !
الزيات ( بتصرف)
الشّـــــــــــــــــــرح
محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم : هو سيّدنا محمّد بن عبد اللّه بن عبد المطّلب . و لد بمكّة المكرّمة في قبيلة قريش سنة 570 ميلادية تقريبا بعد وفاة والده بقليل . و توفّيت أمّه وهو في السّادسة من عمره ، فكفله جدّه ومن بعده عمّه أبو طالب و كان يحبّه كثيرا . و عاش النبيّ عليه الصلاة و السّلام يتيما ، فرعى الغنم لبعض أهله ، و سافر إلى الشّام في تجارة لخديجة بنت خويلد و تزوّجها فيما بعد . وقد لقّبه قومه ” بالأمين ” لاشتهاره فيهم بمكارم الأخلاق. ولمّا بلغ الأربعين بعثه اللّه رسولا للعالمين فآذاه قومه لكنّه صبر حتّى نصره اللّه عليهم .
توفّي الرّسول و عمره ثلاث وستّون سنة و مقامه الشّريف بالمدينة المنوّرة.
1 – صوّره اللّه في أحسن صورة: أبدع اللّه صورته و جعله رسولا كاملا في جسمه و علمه و أخلاقه.
2 – راجح الحلم: متّزن العقل ورزين.
3 – يحمل الكلّ : يعين اليتيم و الضّعيف .
4 – يكسب المعدوم: يكرم الفقير ويتصدّق عليه.
5 – حمّله اللّه رسالته إلى خلقه: أي اختاره الله لينير عقول البشر و يطهّرها من عبادة الأوثان و من جميع المعتقدات الباطلة.
6 – هاجم الشرك في معقله : المعقل هو الحصن . كانت مكّة في ذلك الوقت مركزا للكفر و مقرّا حصينا له إذا كان أهلها مشركين يتزعّمون العرب في عبادة الأصنام من دون اللّه و لمّا بعث النّبيّ أخذ ينشر دعوته في صفوف المشركين غير خائف من سطوتهم.
7 – ليس وراء ظهره إلاّ عمّه: ليس له من ناصر يحميه من كفّار قريش إلاّ عمّه أبو طالب.
8 – تألّب عليه الأشرار: اتّحد كفّار قريش ضدّه ليلحقوا به السّوء و يصدّوه عن دعوته.
9 – جادل بالتّي هي أحسن: دعا كفّار قريش إلى الإيمان باللّين و اللّطف، و ناقشهم بالحجّة ليقنعهم بصدق رسالته.
10 – لم تأخذه في اللّه لومة لائم : لا يعبأ بلوم أحد في نشر دعوته . فهو يدعو إلى الحقّ و إلى عبادة اللّه و لا يبالي بما يتقوّل عليه النّاس .
11 – ييسّر ولا يعسّر : يدعو أصحابه إلى الأمور اليسيرة التّي لا تكلّفهم عناء و مشقّة .
12 – المؤاخاة :آخى النبيّ بين المهاجرين من مكّة و الأنصار من المدينة ، و ألّف بين قلوبهم و جعلهم كالإخوة .
13 – دين اللّه قوة للضّعيف : الضّعيف الذّي لا يملك جاها و لا مالا يصونه الدّين، أي يحفظه من كلّ اعتداء يناله من طرف من هو أقوى منه مكانة و ثروة.
14 – بيت المال ثروة الفقير : بيت مال المسلين ينفق منه على الفقراء فيزول احتياجهم.
15 – لا فضل لعربيّ على أعجميّ إلاّ بالتقوى: علّم النبيّ صلّي اللّه عليه و سلّم العرب ألاّ يفتخروا على غيرهم بعروبتهم و بلغتهم و ذكّرهم أنّ الرّجل الفاضل الكريم هو الذّي يتمثّل لأوامر اللّه و يتمسّك بالأخلاق التّي أمر اللّه النّاس بإتباعها
وهذه التعاليم من شأنها أن تمحو جذور العنصريّة من النّفوس.
لتصفّح تحميل مشاهدة أو طباعة الملف كاملا, أنقر الرّابط التّالي:
موقع مدرستي هو موقع تعليمي تربوي غني بالموارد التعليمية كالإمتحانات و التّمارين و التّقييمات و الأناشيد و المعلّقات و غيرها التي تهم كل من التّلميذ و الولي و المربي على حد سواء و نشير إلى أن محتوايات هذا الموقع هي من مجهودات الفريق العامل عليه و نرجو منكم إخواني أخواتي مشاركة المنشورات في مواقع التواصل الإجتماعي مع ذكر المصدر وشكرا.