مسرحية : أمّنا الشجرة
الشجرة: (باكية ) أنتم يا أيُّها البشر سبب أحزاني .
الطفل مندهشا مذهولا -: ما حلَّ بك أيتها الشجرة العزيزة ؟ ما لي أراك تتأوَّهين ؟
الشجرة – بصوت حادٍّ -: أتجهل ما حلّ بي ! و أنت الولد الحنون ؟ ماذا أقول عن غيرك ؟
الطفل: – متعجبًا -: بلى، والله ما أدري كل ما أعرفه أنّك توقّفت عن العطاء و أنا مندهش لذلك ، فأنت كريمة على الدّوام و لم تعوّدينا على الشحّ .
الشجرة : انظر لأغصاني .. من كسّرها ؟ أنظر لأوراقي الذابلة …. من شحّ عنها الماء ، أنظر لجذعي …. من رمى تحته النّفايات ، ألا ترى كلّ ذلك أم أنّك تتجاهل الأمر كغيرك من البشر .
الطفل – متعجِّبًا -: حسنا إن كنت تقصدين أنّــــنا أهملناك و ما رعيناك ، … فاللّوم يقع على طبيعة حياتنا السّريعة و المليئة بالضغوطات و ….
الشجرة مقاطعة: غير صحيح … لقد ملأتم أوقاتكم بالألعاب الالكترونية الخطيرة في أغلبها ، و أصبحتم عبيدا للحواسيب و الآلات تقضون معظم يومكم أمام شاشاتها و نسيتم الطبيعة و بهاءها … الشجرة هي التي تغذّيكم بثمارها و من جذوعها بنيتم دياركم و من أوراقها استنشقتم الهواء النقيّ و من بذورها استنفعتم بزيوت و عطور … إنّ فوائد الشجرة لا تعدّ و لا تحصى كما أنّ جحودكم ليس له مثيل ..
الطفل (طأطأ رأسه و رمى باللّوحة الرقمية من يده) و قال : أنت على صواب … لقد أصبح بنو البشر مجانين … حسنا لن أفرّط فيك ثانية يا أمّي الحنون ..
الشجرة – متباكيةً : و أخواتي الشجيرات في كلّ مكان في العالم .. من سيعتني بهنّ ؟ لقد قطع البشر في بضع سنين ما ربّته الطبيعة في قرون من الزّمن .. إنّ الانسان الجحود يضغط على زرّ في آلته المتوحّشة فيقطع العشرات منّا و لا يفكّر في تعويضنا بزراعة أشجار أخرى …
الطفل: فعلا … لقد استعصى الأمر و استفحل الدّاء و قلّ الدّواء ….
الشجرة : أعرفت الآن أيّها الطفل سبب هلعي و قلقي و كثرة هواجسي….
الطفل : سأزرع كل شهر شجرة ، في بيتنا ، في حيّنا ، في مدرستنا ، في الأحياء المجاورة … لن يهدأ لي بال حتّى أملأ الدّنيا أشجارا …
يدخل القاعة أطفال آخرون و يصيحون بصوت واحد : سنزرع الشّجر .. في الريف و الحضر … ستزهر الأغصان … و تطرح الثمار … يا أمّنا الشجرة.
تعانق الشّجرة الأطفال وتمسح دموعها: و تقول لهم: أنتم الآمال و بكم تتغيّر الأحوال … دمتم لي يا أيّها الأبطال … و امضوا الآن … من الأقوال إلى الأفعال
لتحميل أو طباعة الملف : انقر الرابط التالي