انتاج كتابي : مساعدة السيدة الفقيرة
نداء الواجب
ذات يوم ربيعي بينما كنت عائدة من المدرسة إذ جلب انتباهي امرأة مسكينة تستطعم و تستجدي باستحياء مفرط. أثارت في نفسي مشاعر العطف و الشفقة. فتسمّرت في مكاني أفكـّر في حال هذه السيدة وما الذي أوصلها الى هذا المآل السّيء . كانت شاحبة الوجه ترتدي أشلاء بالية و خرقا مرقعة، تعتلي ركنا قذرا ناصية الشارع بعيدا عن فضول المتطفلين و تبحث عن أيادي كريمة تعطيها بعضا من النقود .
هرعت الى متجر قريب و اشتريت لها خبزا و جبنا ثمّ قدّمتها لها فعادت لها ابتسامتها الرقيقة المغصوبة المتكلّفة ثمّ قالت :
- ” شكرا لك يا بنيّتي ، كم أنت جميلة و كريمة . سوف أدعو لك بطول العمر و بتألـّق النجاح في دراستك “
فأجبتها :
- ” لا شكر على واجب يا سيدتي الفاضلة و لكن لماذا أنت على هذه الحالة أليس لك زوج و أولاد ؟”
- لا أنا امرأة أرملة و لا أملك صغارا أما زوجي رحمه الله فقد فارق الحياة إثر حادث مرور أليم “
أجهشت السيدة بالبكاء . فقلت و أنا أرتعش ندما :
- سامحيني أرجوك لأنّني ذكّرتك بأيـــّام مريرة.
- لا، أنا لم أبك على زوجي بل بكيت لأنّي تخيّلت أنّ لي ابنة مثلك.
ودّعت المرأة المسكينة ثم عدت إلى المنزل و أطلعت أمّي على كلّ ما جرى لي
فأعطتني ثيابا و قليلا من النقود و في الغد أوصلت هذه المساعدة كما أوصتني أمّي أمطرتـني السيدة الكريمة بأدعية الخير و البركة و منذ ذلك اليوم بقيت أمدّها بكلّ ما أستطيع الحصول عليه من الأهل و الأصحاب . ثم طلبت من والدي أن يجد لها عملا شريفا يكفل لها العيش الكريم فوعدني بذلك.